همس الاحساس
عبر شوارع المدينة ... أمشي بخطى بطيئة ... مثتاقلة من شدة الهمسات التي تتداخل فيما بينها ...
تتخللها نظرات سائحة هائمة في وجوه الأنام ... وتعقبها حسرات على ضياع تحقيق الأحلام ...
الكلام أصيب بنوبة فسكت فجأة ... وأصبح الصمت سيد الفرسان ... يعتلي ظهر الشجعان ... الدين أرهقهم حمى مطاردة الدخان
ألتفت ذات اليمين فأرى رشاقة يافعة البنان ... تطارد نظراتها كل هاو مستهتر ينشد العزف على جسد قوام الناي ...
وسط الزهور تشمئز خاطرتي وترجو بعيدة المنال ... وكأن نفسيتي تعشق المجهول ولو كان بضرب من المستحيل ...
تهيم في سباته وتتلوى جوعا مضربة عن طعام الحمام المهجور الدي لا يؤمن بعش حقير وسط أغصان جدوع الأشجار ...
تهوى الرحيل والترحال وترفض الاستقرار تحت وطأة صناع القرار ...
ألتفت ذات الشمال ... أجد العدارى الحيارى الدين تأقلموا مع النصارى ... وهتفوا أنشودة الحرية من كل ميثاق والانعتاق من كل
وثاق ... كأنما خر بهم السقف في ليل أو نهارى ...
أعياني المشي وسط أشكال وألوانا ... وهممت بالعقود في احدى الساحات المجاورة للورودي ... أسمع نبضات فؤادي ...
وهي تنادي ... أين الهروب من كوكب شارف على الغروب ... وكيف أحيا وسط تماثيل تعتني بالأظافر وكل يوم لشعرها لون
تتخد من الصدور متكأ ووسائد ... هكدا تحلو لها الحياة في اوج سعادتها ... و هدا هو منظورها الحي...
...تبا لك يا صاحب المبادىء المفعم بالاحاسيس المعدب بالمشاعر المقهور بالطهارة و الاخلاص المدبوح بالوفاء المتيم بجملة فعلية
حقيقية من مكارم الاخلاق ... كيف تستريح وسط هذا الصياح ..؟ وكيف ترجو الربح من بضاعة فاسدة ...؟
وكيف تبحث عمن يكابد نفس أحاسيسك في وسط لا يهثم أصلا بما تشبعت به من فضيلة مند نعومة أظافرك ...؟
تساءلت ...؟ ولم أجد لسؤالي جواب ... ترى ...؟ هل الدين كانوا يربوننا على القيم والتفاني فيها مدى العمرمن صدق الأعماق ؟
هل كانوا يدرون لمن سيسلموننا حين يشتد عضدنا ...؟
أم أن تيار الفتن الغادر قد داهمنا ولم تبقي رياح على صالح ولم تدر فالح ...؟
أم أننا سحرت أبصارنا فلم تعد ترى سوى ما يؤجج لهيب معاناتنا ويصب الزيت على نيران غضبنا من واقع مرير هو من صنع
أيدي جيلنا بمساهمة خفية من جيراننا الدين أجهشوا على ما تبقى من بصيرتنا وأصبحنا كالخفافيش المعلقة بالنهار في جدوع النخل
والهائمة بالليل تبحث عن بزوغ فجر طال انتظاره وأصبحنا مع طول غيابه نفتقد ملامح طلسمه ....
لأن الذاكرة محيت مخيلتها الصائبة وشحنت ببطارية تساير ايقاع العهد الجديد التي تعزف على وتر من حديد ...
لك الله ... يا من ضيعت الحقيقة وسط ركام الباطل المزيف حتى ظلت منا الطريق ... وتقطعنا اربا اربا وحملنا في صدورنا
قلوبا قدت من زبر الحديد ... وشينا أميالا على شفا حفرة من النار ... نمد يدا بها شلل للغروب وندير ظهورنا للشروق حتى
عز في الحق أخ أو صديق ....
بقلم ××× بن الصغير ×××